أفادت وكالة أنباء الحوزة في معرض حديثه، أشار سماحته إلى الحكمة 147 من نهج البلاغة، موضحًا أن الإمام علي (عليه السلام) قدّم فيها توجيهات نورانية وقواعد عقلية وأخلاقية عامة إلى كميل بن زياد.
وبيّن أنه لو لم يكن في نهج البلاغة سوى هذه العبارات، لكان ذلك كافيًا لإثبات نورانيته، وقدرته على الهداية، وفاعليته في بناء الإنسان.
وأكّد جوادي آملي أهمية العقل في التعرف على الطريق الصحيح، مشيرًا إلى أن أمير المؤمنين (عليه السلام) بيّن بالبراهين العقلية أن الإنسان مسافر في هذه الحياة، ويحتاج إلى طريق ومرشد يوصله إلى غايته، وهذه الغاية إما أن تكون سعيدة أو شقية، واختيارها بيد الإنسان نفسه، إذ إن نهاية حياة كل فرد هي ثمرة ما قدمه في دنياه، ولا شيء من نواياه أو أعماله يضيع. كما قال الشاعر: "إن كان حملك شوكًا فأنت الزارع، وإن كان حريرًا فأنت الناسج". فالذي يعيش بجهل نظري أو عملي، لا يَحصد إلا الألم، وعلى الإنسان أن يعيش بعقل وعلم.
وأضاف سماحته أن من يُقصي العقل عن حياته، فإن أحكامه تكون خاطئة، وحياته تقوم على الأوهام والخيالات. ومثل هذا الإنسان وصفه القرآن بـ"المختال"، والله لا يحب من يعيش بخيال بعيدًا عن العقل: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾.
وبالتالي، فإن الإنسان إما يسير في طريق الجهل ويضل، أو يسير في درب الحياة بعلم فيُنجى، وإن لم يكن قد بلغ الكمال، أو أنه يختار طريق الصيرورة، أي يعيش بعلم، وعقل، وعمل، وتكون علاقته بالله علاقة حب ومحبة، لا مجرد علاقة معلّم ومتعلم: ﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾. والاختيار في نهاية المطاف بيد الإنسان.
وفي محور آخر من درسه، أشار سماحته إلى مفهوم الهيمنة في المجتمع الإسلامي، موضحًا أن الهيمنة لا تعني التكبر، بل تدل على الهيبة والعظمة التي تمنع الأعداء من الاعتداء.
فإذا كان المجتمع قائمًا على التفكير القرآني، فإن عليه أن يظهر بعزة وقوة بدلاً من الضعف والتردد
واستشهد سماحته بالآيات الأخيرة من سورة التوبة، حيث قال الله تعالى: ﴿یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِینَ یَلُونَکُمْ مِنَ الْکُفَّارِ وَلْیَجِدُوا فِیکُمْ غِلْظَةً﴾، مبينًا أن العدو يجب أن يشعر بالرهبة منكم، فهذا أمر قطعي وحتمي وليس اختياريًا، مما يعني أن الأمة الإسلامية يجب أن تكون مقتدرة إلى حد أن لا يجرؤ العدو على مهاجمتها، ويجب أن يلمس في أبنائها الرجولة والشجاعة.
وأشار سماحته إلى أن القوة الرادعة تتحقق عبر هيبة المجتمع الإسلامي وبنيته الداخلية المتينة، محذرًا من الفساد والاضطراب داخل المجتمع، ومبينًا أن القرآن الكريم ليس حكرًا على ليالي رمضان المباركة، بل هو كتاب حي يجب أن يسري في حياة المسلمين اليومية
كما شدد على أهمية التاريخ والحضارة الإيرانية الإسلامية، وقال: إن الأمة الإيرانية أمة عظيمة، وعريقة الأصل، وتوجد في كل بقعة من أرضها آثار للعلم والحضارة، وقد خرج منها كبار العلماء، والمفسرون، ومؤلفو الكتب الأربعة الأساسية للفقه الشيعي. وإيران اليوم ترفع راية أهل البيت (عليهم السلام) في العالم، وعلينا أن نُدرك عظمتنا وألا نفرّط بها بثمن بخس.
وفي ختام كلمته، أكد سماحته أن القرآن يحيي المجتمع، وأن علينا أن نعيش به. فالمجتمع الذي يتخذ من القرآن محورًا لحياته، ويفهم آياته الحية ويطبقها، هو مجتمع حيّ بحق.
تعليقك